السبت، 16 يوليو 2011

صداقة بريئة…(2)

 

ComputerSpying

مازلت أنا حيث تركتني..اتلفت حولي كأني سارق ينهب غنيمة العمر..أخشى ان تداهمنى المدام في اية لحظة و انا اطالع اسرارها الشخصية على حاسبها الالكترونى..

القرص الصلب لم يكن يحتوي علي اي شيء ذا قيمة سوي مجموعة من الافلام الغريبة التي تهواها و عدد لا حصر له من الموسيقي الكلاسية المملة التي تنصت لها لساعات دون كلل..لا بأس هذا متوقع..و ما الذى تتوقع ان تراه على الحاسب الشخصى لطبيبة محترمة؟؟ مجموعة من الافلام الاباحية؟؟

بدأت في تصفح شبكة الانترنت..ذاكرة متصفحها تظهر ولوجها الي موقع (الفيس بوك) بافراط..لست جاهلاً..اعلم شيئاً او شيئين عن هذا الموقع الثوري..مجموعة من الناس الخالين من المشاكل و الهموم يعانون فراغاً قاتلاً فيكتبون الكثير من الهراء ليقرأه سواهم و يتبادلون الصور و الفيديوهات..هذه اناس لا شغل لها و لا شاغل بينما انا الوقت لدي يعني مالاً..لا وقت لدي لهذه النميمة التي تتم علي نطاق دولي و الكتروني..لا مشكلة هنالك..المدام عملها في وزارة الصحة ينتهي في الثانية عشر ظهراً و من حقها في بعض التسلية..

صراحة انتابني شيطان الفضول لأعرف ماذا تكتب عن صفحتها..ماذا تكتب عني؟؟من تحادث؟؟شعرت و قد رأيت اسمها الحركي و كلمة السر لحسابها مخزنتين في ذاكرة المتصفح سريعة النسيان اني محظوظ..و أن لدي تذكرة مجانية إلى عالمها السري و انى لا بد و داخله..لا يجب ان افوت تلك الفرصة ابداً و إلا خاطرت ان لا تتكرر في أي وقت قريب..

باصابع مرتجفة ضغطت زر الادخال لأري صفحتها الخاصة التي تقابل بها العالم بعيداً عني..في البداية بحثت عن اي شيء يمت بصلة لي فلم أجد..غريب ذلك أم تراه متوقعاً؟؟ (الهانم) لا تراني جزءاً من عالمها يستحق الذكر..حتي  خانة العلاقات لديها تركتها فارغة كأنه لا زوج لها..كأنها مازلت عزباء في بيت ابيها..سأتجاوز هذه النقطة مؤقتاً..لا تنس اني متلصص..حتي الآن اي شيء اراه و لا يعجبني يجب ان ابتلعه في صمت و ان اخرس..فلأشبع فضولي و لأترك غضبي منها لما بعد..

لديها الكثير من الصديقات من قريباتها و رفيقات دراستها القدامي و صديقاتها في العمل..يتبادلن كثيراً من هراء النساء المعتاد من الاحاديث الفارغة عديمة القيمة و المضمون لأي رجل في كامل عقله.. بيادلن بعضهن الغزل بألقاب مثل(قمر-جميلة...و سواها..) هدفها الاساسي ان يشعرن انفسهن انهن جميلات مرغوبات حتي لو كانت مجاملات لا معني لها ولا اساس لها من الصحة..

بعض الفيديوهات لأشياء تافهه وصور لأطفال و حيوانات عجماء..زوجتي تري ان الحيوانات كاقطط و الكلاب لها كل الحق في ان تكون جزءا من حياتها الالكترونية بينما انا لم ابلغ بعد الدرجة المطلوبة لأنال هذا الشرف..لا بأس..لكن كل هذا حتي الآن كان طبيعيا..علاقتنا معاً ليست الافضل فلا انتظر ان تتغني بذكراي كلما أختلت بنفسها..بالفعل بدأت في الشعور الممضي بالذنب..الشعور بأني وغد لا يترك لزوجته المتفسح من الخصوصية التي تحتاج..

و كدت  بالفعل ان اقوم و ان اعيد كل شيء لوضعه الاولي..حتي استوقفني شيء ما...تعليق عابر علي شيء ما لا قيمة له علي صفحتها..و جوار التعليق صورة لرجل..رجل؟؟..و ماذا يفعل هنا؟؟حتي الآن مازلت اشعر اني داخل عقل زوجتي و ليس علي مجرد صفحة علي شبكة تربطها بالناس..ماذا يفعل رجل داخل عقل زوجتي و افكارها؟؟

(خالد اسماعيل) هذا اسمه..من يكون هذا ال(خالد) و ماذا يفعل هنا؟؟ لاداع لاستباق الاحداث..هكذا حدثت نفسي..لو اطلقت العنان لخيالي لحظة لقفز وثبات مجنونة لم يبلغها انسان..فلندع الخيال جانباً و نبحث عن الحقائق وحدها..فتحت صفحته هو كي اعرف شيئاً او شيئين عنه..

له نفس عمرها و نفس مؤهلها..لا احتاج الي ذكاء لأعرف انهما من دفعة واحدة..مبرر غير كاف..كيف تسمح لنفسها ان يكون هناك رجلاً من عالم مضي في حياتها و هي تحيا تحت سقفي و تأكل طعامي؟؟اي شيء في حياتها السابقة اسامحها عليه في حدود..شرط ان ينتهي بارتباطي بها..حسبت هذا اتفاق غير مكتوب..كيف يسمح هذا (النطع) لنفسه ان يكون  جزءاً في حياة امرأة متزوجة؟؟ يعمل كمندوب لشركة دوائية كبري..ترك الطب اذن..فليكن خبيراً نوويا او راقص تعر لا يهمني في شيء..

كيف يبدو؟؟صورته تظهره ناحلاً جداً و يرتدي منظاراً طبياً شديد السمك..ملامحه عادية جداً..واحد آخر من مئات الشباب من الخريجين مممن يأتون مكتبي كل يوم يستعطفوني من أجل فرصة عمل تكفل لهم لقمة عيش شريفة فأطرد معظمهم و احطم احلامهم الصغيرة دون وجل..السعادة مطله من كل قسماته القبيحة و كيف لا و هو يستبيح مكالمة زوجتي و انا غارق في مشاكل عملي غافل عن ما ما يدور في بيتي الخاص..

 

لماذا اسمع صوت افكارك العالي يتهمنى في وضوح انى ابالغ؟؟ و ان هذه الصداقات اصبحت من اساسيات الحياة العصرية التى لم يعد فيها متفسحاً لأفكاري الحجرية..فلتعتبرنى حجرى او متخلف لا يهمنى رأيك في شيء في الواقع..لم اصل حيث انا بالانصات لآراء الآخرين..أنا من طراز عتيق من البشر تربوا ان الزوجة لزوجها و لا أحد سواه..و الزوج الذى يسمح لأمرأته ان يكون في حياتها آخر لا يعلم هو عنه شىء..اسمح لي…..

 

يوجد خيار لمعرفة تفاصيل الصداقة بين الاطراف علي هذا الموقع متعدد الاستخدامات و الوظائف..احتاج ان اعرف كل الاشياء الصغيرة بينهم..اريد ان اعرف تفاصيل تلك الخيانة الالكترونية و تاريخها..منذ متي و المدام (بتأكلني البالوظه)؟؟

ليسوا اصدقاءاً منذ فترة طويلة..و لو من ربع ساعة لا يهم..الامر هو ذاته بالنسبة لي..هو اصلاً من المنضمين حديثاً الي هذا الموقع..في الواقع كان اول شيء مشترك بينهما هو رسالة منها ترحب به في عالم الشبكة الرحب و ترجو له اوقاتاً طيبة..يبدو انه قضاها فعلا..علي حساب من؟؟علي حساب الاحمق الذي يقرأ هذا الكلام للمرة الأولي..أريد تفاصيل أكثر..بعد هذا بدأت العلاقة بينهما تحمي و تتوطد تدريجاً..في صورة فيديوهات متبادلة للموسيقي التي تحبها مع تعليق  (  أنا عارف انك بتحبي الموسيقي دي)..يا حنين..مناقشات مطولة في تلك المواضيع الفارغة التي أجبرتني علي سماعها مراراً  كأنهما في ندوة ثقافية ..مع كثير من الرسائل المتبادلة بين الطرفين الهانئين..(مبروك الوظيفة الجديدة ربنا يوفقك ان شاء الله..)..(ايه العربيات الجامدة دي يا عم؟؟كده مش هنعرف نكلمك تاني..الله يرحم ايام الاتوبيس).. ( فينك..ما بتدخلش ليه بقالك كتير؟؟يا عم ما تتقلش علينا كده...)..

قرأت كل هذا بسرعة صاروخية و قد شعرت بوجي يحتقن الي درجة الغليان..صوت دقات قلبي العالي يصم أذني و اورده عنقي اشعر بها تكاد تتمزق من فرط ضغط الدم المحترق المتدفق اليها..تأملت انعكاسي التعس علي الشاشة التي تطالعني بالحقائق ساخرة..ماذا اري؟؟هاذين الشيئين الصغيرين علي فروة رأسي؟؟قرني التيس..خشيت ان اضع يدي لأتاكد من وجودهما حتي لا تدمي اصابعي..انهما هناك فعلاً..انا متأكد من ذلك..ربما منذ أمد طويل أكثر مما أحسب..

قرني تيس زرعتهما المدام فوق رأسي ببراعة و انا انام هانئا في بحر من عسل الجهل و علي وجهي ابتسامة طفل هانيء..ينقصني كادر من (صلاح ابو سيف) لأصبح نسخة ملونة من (محجوب عبد الدايم) و لأصير موصوماً الي الأبد..تيس..هذا هو ما حولتني اليه زوجتي عندما سمحت لنفسها ان تحادث رجلا سواي بهذه الطريقة..

خيالي الآن حصان جامح فشل اعتي المروضين في ان يضعوا له سرجاً..يرمح في اتجاهات شتي دون ادني سيطرة مني أو رغبة حقيقية في التطويع..
لماذا يتوقف الامر عند الصفحات الالكترونية؟؟لماذا لا يتقابلان علي ارض الواقع؟؟ لماذا لا يعيدا ذكري الماضي الجميل قبل ان أظهر أنا علي الساحة؟؟لماذا لا يتحادثان في همس و يتبادلان حلو الكلام؟؟لماذا لا يمسك يدها؟؟لماذا لا..................

الشيطان في هذه اللحظة قريب جداً مني..اشعر بأنفاسه اللاهبة تلفح اذني و جانب عنقي..اسمع صوت أفكاره عالياً بشكل يعجزني عن التفكير..ربما يشعر بالغيرة كذلك و قد صارت قروني أطول من قرنيه..أحمد الله انها لم تكن أمامي في تلك اللحظة..يمكنني بسهولة و يسر أن احطم رأسها علي الحائط و الوثه بمخها المليء بأفكار الخيانه..كنت أعرف ان هذا ما سيهدأ أعصابي الثائرة في هذه اللحظات..

أعدت الامساك بالفأرة بأصابع يدي المرتجفة من الغضب..لا أعرف لماذا؟؟و كأني ابحث عن سبب وجيه لأصابتي بالفالج أو اعطي نفسي فكرة عن اجوبة  المنطقية لأسئلة وكيل النيابة في المحضر الذي سيتهمني فيه بخنقها و هي نائمة..صور مشتركة..لهما صور مشتركة؟؟هذه المرأة تريد ان تقتلني..لو سألتني رأيي ان تضع صورها منفردة حتي يراها الغرباء لما وافقت..و الآن اري صور زوجتي مع رجل سواي؟؟اهذا كابوس؟؟لا تستكثر اي شيء يحدث لتيس..كل شيء طبيعي و منطقي..

كلا..ليس تاريخها حديثا و الا لتحول الامر لمشهد من فيلم رعب دموي..تاريخها قديم و يعود الي أيام الجامعة..فلتعد الي ايام الفراعين الامر علي ذات فداحته..أكثر ما استرعي انتباهي البوم يحمل عنوان (رحلة الاقصر)..صور متعددة لهما منفردين عن باقي افراد الدفعة مع بعض التعليقات الخبيثة من اصدقائهما..حب قديم اذا؟؟حب قديم ممتده جذوره طوال سنين تعليمهما الطويلة حتي اتي غراب البين في صورة العبد لله ليصنع البون بين العاشقين..

هذه جريمة دفاع عن شرف مكتملة الاركان..لا اتصور قاضياً في كامل عقله قادراً علي وضعي في قفص الاتهام..و هل يجب ان انتظر حتي اري كل منهما بين أحضان الآخر..هذا شيء قديم جميل غاف..و قد برز الي السطح مجدداً و لم يمت بزواجها..

لكن كلا..لن اوقظها لأثير الموضوع الآن..لو رأيتها الآن لتحول الامر الي حمام دم حقيقي..أنا رجل حار الدماء اكره بكل الطرق ان يتم استغفالي..اكره ان يتعرض احد الي زوجتي بكلمة..و ما رأيته الآن فاق أسوأ ما توقعت من (فاطمة) حتي في أعتي كوابيسي مع خلافي المستديم معها...

سأعيد كل شيء الي سابق مكانه..سأغلق الجهاز كأن شيئا لم يكن..سأشاركها الفراش كأنها ليلة كسابقيها..سأقاوم رغبة ملحة حتي لا أكتم انفاسها بوسادتي..أعرف ان اسوأ المناقشات و الصفقات بحكم عملي تلك التي تدار بعاطفية و عدم تعقل..زواجي تحول الآن الي صفقة فاشلة..و المرحلة القادمة هي مرحلة ادارة الخسائر..سأترك كل شيء للغد حتي يعود الي شيء من صوابي فأواجهها بما لدي و اسمع ما لديها..أعلم ان هذا لا يشكل فارقاً  لكني حقاً بحاجة اليه..

 

لكني بالفعل عاجز عن النوم..اتمني لو تنقضي ساعات الليل سريعاً..

***********************

( يتبع )