الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

Déjà vu

Déjà vu

لفظة فرنسية متعارف عليها و تعنى (شوهد من قبل).. و تنطبق عندما يشاهد الانسان موقفاً ما يحدث امام عينيه للمرة الاولى فيعتقد انه  قد رآه من قبل فى فترة ما من حياته… و يكون السبب هو تأخر وصول الدم الى احد فصى المخ عن الآخر مما يحدث الخلل…العنوان ليس من باب الحذلقة..بل هو ملائم بشده لكل ما يدور فى مصر الآن…

*******************

376512_2532757674199_1111233991_2919546_2011050054_a

توقف احساسى بالموجودات يوم 18 نوفمبر..اعتقد انه آخر الايام الطبيعيه التى كان لى بها ادراك للوقت بمفهومه المتعارف..مليونية اخرى كواحدة من تلك التى لم تكف عن التوالد من ايام الثورة..لكن هذه المرة القائم بها افراد من القوة الاسلامية فى مصر مع تواجد شرفى لبعض الفئات و الاطياف الاخرى اعتراضاً على وثيقة (السلمى) الهازلة..وثيقة ببساطة تضع كل سير مجريات البلاد بين يدى العسكر بغض النظر عن اى تغيير سوف يحدث..صانعه منهم دوله داخل الدولة لا مساس بهم..
نعم..الى هنا و الامر طبيعى..الجيش يكتفى بالتنظيم لأن حق التظاهر السلمى اصبح مكفولاً الآن للجميع و لم يعد احدى ينأى برأيه للظل كذى سابق..المسيرة تمر على سلام مع وعد باعاده النظر و فتح الباب للمفاوضات..و ككل شىء له بداية تنتهى احداث اليوم مع عدم حدوث تغيير يذكر...

ثم يأتى الغد..او لا يأتى..لا ادرى..فجأة اصبح كل شىء مختلطاً..اليوم..البارحه..التواريخ تداخلت و تعاقدت و اصبح التمييز بينها مجهوداً شاقاً..مجموعه من المشاهد المألوفة تعود لتكرر نفسها بغرابه..صوراً متطابقة خطا بخط..غريب كيف يتشبه الحاضر بالماضى و كأن كاتبه الروائى قد نضب فكره من الاحداث..قد تكون محض مصادفة او ان الدم المتأخر الى احد فصوص مخى يعابثنى و يشعرنى انى مميز...

حقاً لم اعد ادرى شيئاً و الامر امامى يتحول الى فيلم من الكلاسيكيات و قد تكفل مخرج حديث الخبرة باعادته لقطه بلقطة فقط بمجموعه اردأ من الممثلين المنفذين من الطغاه و بالاستعانه ً بدماء الشهداء الطازجة ذاتها..

*********************

-اللقطة الاولى
تبدأ بجموعه مصغرة من مصابى الثورة يعتصمون فى الميدان طمعاً فى نيل حقوقهم المكفولة..و هذه ليست المرة الاولى..جماعه صغيرة جداً..تهتف بهتافات سلمية ليس ادنى علاقة بالسياسة..

*******************

"عيش..حرية..عدالة..اجتماعية "....هذا ما نادى به المعتصمون فى عيد الشرطة السابق فى اعقاب الثورة التونيسية..دون ادنى مساس بالقيادة او الرغبة فى تغيرها…

********************

- اللقطة الثانية

قوات الامن تفض الاعتصام بالقوة..قوة غاشمة جداً..الشرطة عادت لها هيبتها و كرامتها فجأة..رصاص و بلطجية و عنف فى كل مكان..الجيش هذه المرة فى الشوارع لكن ليس للتهدئة و لا الحيادية كقديم عهده و لكن للمشاركة فى الهجوم..مدرعاته تهاجم المدنين فى اعتيادية و كأن الامر مرتب بعناية بين القوتين و لا دور للمصادفات و النوايا الحسنة فيه...

الجثث يمثل بها و تجر على الارض كما الشياه تمهيداً لأن تلقى فى القمامة كأكياس العفن...كلا لا توجد جمال..لقد شعر المخرج بسخافتها المرة السابقة و انها لم تكن سوى فاصلاً هزلياً فاستغنى عنها بالكامل...بينما الجميع يؤكد ان رجال الامن يقومون  بعملهم مع الحفاظ على اقصى درجات " ضبط النفس "...

*********************

على عكس ما اعلنت الحكومة كثيراً نفيها التام لأى استخدام لأسلحة نارية محشوة برصاص حى..جاءت تسجيلات المخابرات الامريكية لمكالمات (العادلى) و (مبارك) لتثبت عكس ذلك..الاولى مفادها امر باستخدام خراطيم الماء و الغاز..و الثانية رجاء من الطرف الآخر يطلب اذنا لأستخدام الرصاص الحى ضد المعتصمين فلم يأت الرد سوى بكلمة واحدة :"اضرب !! "

**********************

-اللقطة الثالثة
من بين صفوف المتظاهرين طبيب شاب يقف ليعترض مسالماً يبغى تعويضاً لعجز تعرض له لقاء حبه لوطنه..لا اتصوره على عجزه و قله حيلته يشكل اى نوع من انواع الخطر على الامن..لكن الشرطة طبعاً لها اراء عبقريه اخرى لن يدركها البسطاء امثالى ابداً…

فعلى الجانب الآخر يقف ضابط شاب برتبه ملازم , حديث التخرج , شديد الغرور و الخيلاء بنفسه طبعاً و بزيه الرسمى الذى لابد و يجلب له الكثير من المواعدات..يصوب خرطوشه فى مهارة كيفما تعلم فى الكلية..لكن هذه المرة ليست على كره سوداء هى الهدف وسط دوائر متداخله خادعه..بل على كره زجاجية مليئة بالسوائل..تركيب هش جداً..هو آخر ما يربط هذا الطبيب الباسل بعالم النور..هذا طبعاً وسط تهليل من الجنود المعاونين " جدع يا باشا جت فى عين الواد.." بينما هو يسب المصاب بكلمات نابيه ليس هنا محل لذكرها الا فى حقه....

 

391161_306748642676717_306733666011548_1164397_898047168_n

*****************

المشكلة ان طبيب كان يقف هنا..فى ذات الموضوع..بذات الحماسة..يهتف..و يصرخ..و يتظاهر فى سلام..فقط لتصيبه شظيه حائرة من قوة غاشمه فى عينه..فقط هى الاخرى..لا عليك هذه بضعه رتوش يمكن ان تزال فى المونتاج..ما يزال الفيلمان متطابقين....

****************

- اللقطة الرابعه

القوة السياسية تتصنع الصمت..تعلن انها مجرد "حالة شغب" سيتم السيطرة عليها حالاً..لكنهم سيتروكها قطعاً عامدين ان لم يكونوا هم المحرك الاساسى للشغب من البداية...

و السبب معروف..الزمام ينفلت..لم لا نلغى الانتخابات؟؟ لم لا نفرض مجموعه من الاحكام العرفية تكفل لنا املاك قبضتنا على البلاد؟؟ لم لا نعلنها بصراحة و نجعله انقلاباً عسكرياً شاملاً يقضى على اى امل لهذه البلاد فى الديموقراطية؟؟؟ لقد تركنا هؤلاء الاولاد يمرحون كثيراً و حان وقت مرحنا نحن...

*****************

احقاً لا تذكر الشوارع فى تلك الفترة؟؟ مجموعه من البلطجية اما هم مسجونون اطلقتهم الداخلية او رجال شرطة بزى مدنى..و الرسالة الواضحة: اما نحن او الفوضى….عودوا الى منازلكم لتحموها من البلطجية و اخلوا الميدان حالاً....

******************

-اللقطة الخامسة
تشويه سمعه كل من تطأ قدمه الميدان و اتهامه بتهم شتى..اولها العمالة و آخرها الشذوذ..شباب صغير لا يعرف ما يفعل..لعبة السياسة أكبر منه..يملى عليه كلام لا يستوعبه و ينفذه دون تفكير..اجندات..يضرون بمصلحة البلد و يعطلون سير الانتاج..و كأن مصر  قبل الثورة كانت احدى دول الاتحاد الاوروبى..

و طبعاً لا توجد طريقة لأستماله عقول الناس خيراً من نافذه على العالم تدخل كل بيت..الحكومة تملك القنوات الوطنية التى لا يشاهد السواد الاعظم من البسطاء سواها..يجرون من خلالها اقذر عملية غسل للمخ بالبطىء للناس لجعلهم ينقلبون على الثوار..
" سيبو المشير يشتغل..الجيش هو اللى حمى الثورة..الناس اللى فى التحرير دول عايزين ايه؟؟؟ حسبى الله و نعم الوكيل فيهم !! "

تأملت الوجه الذى من المفترض ان يكون لمواطن بسيط من عامه الشعب على تلك القناة الوطنيه و التى ضلت طريقها الى تلفازى سهواً..يبدو الهم و الحزن التمثيلى واضحين على وجهه جداً حتى تأثرت..يدق مظهره فى ذاكرتى جرساً  ما..

رباه..قطعاً رأيت هذا الوجه سلفاً..لم يكلفوا انفسهم حتى بتغيير الكومبارس...يالهم من كسالى !!.

********************

" سموها جمعه الخلاص..الخلاص من مين؟؟ اهىء اهىء.."

الصوت الدامع الانثوى للمواطن " تامر بتاع غمره" و الذى تبين فيما بعد انه المحرر (تامر بيبرس) و الذى يعمل فى نفس القناة الوطنيه التى قدمت العرض الشيق….

*********************

- اللقطة السادسة

النظام يلجأ لدحض المظاهرات بتظاهرات مماثلة مأجورة..تظهر لرجل الشرع الحيادى انها ليست رغبه جماعية للخلاص من النظام..و تحاول استماله تعاطفه للركون الى الاوضاع الحالية و التسليم بها حتى تستمر احوال الحياة…لا احد ينسى طبعاً الجموع المتواضعهة التى ملأت ميدان العالم (مصطفى محمود) ايام الثورة الاولى..و من نسى فأعتقد ان مظهر النجمة المثيرة (غادة عبد الرازق) هناك كفيل بتذكيره….

********************

المجلس العسكرى يحشد مجموعه مماثلة للسابقة فى العدد و الهتاف و الانتماء و النسبة الضئيلة من النجاح فى مواجهه تظاهرات (التحرير) الحاشده المعبرة عن الرأى العام..و ذلك بميدان (العباسية) المجاور لمبنى وزارة الدفاع و منشآت عسكرية أخرى يتم منها حكم البلاد حالياً…للاسف (غادة) ليست موجودة و قد وعت درسهاً جيداً..بل حل محلها تواجد  يثير المزيج من السخرية و المرارة لسياسى المصاطب و مرشح الرئاسة المحتمل (توفيق عكاشة) و الشاعر "السهتان" (أحمد سبايدر)…ناتج الاثمار غير الشرعى لقناة (الفراعين)….واحدة من اكبر الكوارث التى اتحفتنا بها الثورة و عصر الحريات و الفضائيات….

******************

- اللقطة السابعه

القيادة تخرج عن صمتها الاحمق الطويل عندما تعى ان الوسائل القذرة لم تجدى نفعاً و ان هذا الشعب اقوى من ان يكسر او ان تنثنى شوكته على يد عصبه من البلطجية..

يكون الناتج مجموعه من التنازلات تقدم بالقطارة..لكن المشكلة انها قد تأخرت و فات اوانها فلم يعد لها معنى..ربما لو كانت منذ البداية لأحقنت كل هذه الدماء..لكن للاسف  كل المطلوب يكون بعد فوات الاوان..

غباء العسكرى وصلفه و فهمه المطلق للعبة واحده هى القوة , و عجزه التام عن اتقان لغه العقل و السياسة و المفاوضات هى ما اودت الى هذه الوضع الحرج من البداية..كما ان التنازل يغرى بمزيد من الضغط..ما الفائدة المرجوة من اقاله عصام شرف الآن و تكليف حكومة مؤقتة تسير الاعمال؟؟ ما الفائده من تبكير الانتخابات؟؟

هذا الشعب لم يعد يبغى سوى رؤية مؤخراتكم السمينة و هى تفارق مقاعدها و تنال ما تستحق من جزاء عادل.....

********************

تعيين (عمر سليمان) كنائب..اقاله (نظيف) و حكومته الموصومة و على رأسها (حبيب العادلى)..تعيين (البدراوى) بديلا للقواد الاسبق (صفوت الشريف)..كلها قرارات متأخرة اتت بعد اوانها..بعد ان اصبحت الرغبة الموحدة للجميع هو تغيير الرأس و ليس الاذرع…

******************

- اللقطة الثامنة

القوى السياسية ارائها متضاربة..كل حركة محسوبة..هذه كيانات عملاقة تعد عليها انفاسها و لا تريد الوقوع فى الخطأ..من مع من و متى هو انسب وقت للتدخل هذه هى حسابات معقدة يجرونها باستمرار..

الكل يرغب فى جنى التعاطف و الاصوات..الكل يرغب بنيل اكبر قطعه من الكعكه التى يتم طهيها حالياً..ايا كان ما يرتديه حزبك :الاسدال او البكينى ذو القطعتين فالفكر هو ذاته..ربما هو شاب رقيع يرتدى السلسلة و يمضغ اللادن او هو رجل وقور ذو لحية خفيفة..فى النهاية المحصلة واحدة و الكل يسعى خلف مصلحته الخاصة..الكل ينتظر اعلى موجه ليعتليها...

الاخوان اعلنوا انسحابهم من المشاركه فى احداث التحرير و السبب المعلن هو رغبتهم فى حقنها..و السبب الخفى طبعاً هو رغبتهم لانتهائها بأقصى سرعه حتى لا تضيع عليهم الانتخابات التى جمعوا لها ما استطاعوا من قوة حتى تكون محسومة لهم..و هذا حقهم قطعاً..
السلفيون كالعادة شيوخهم لا يحلون التظاهر و منهم من ينشق…

الاعيب السياسة لا تنتهى..و تعدد الاحزاب مثله مثل تعدد الشركات..يصب فى صالح المستهلك و يمطره بالعروض و جوده الخدمات المقدمة..لكن مع الاحترام للجميع البطل الوحيد فى هذه الاحداث كما كان فى سابيقيها هو ذلك الشاب الثائر الذى لا هم له و لا انتماء سوى شأن وطنه..هذا هو صانع الثورة الحقيقى....

********************

قفز العديدون للحاق بركب الثورة المسرع بعد تأكدهم من نجاحها فى محاولة لأعتلائها و نسب نصرها اليهم…و على الرغم من كامل احترامى للـ (برادعى) رغم عدم تأييدى له..فأن قراره بعدم الترشح فى اعقاب الثورة و انه قد اكتفى بحدوث التغيير..ثم عدوله فى هذا القرار بعدها و ترشحه فعلا عند فتح باب قبول الطلبات , مازال يحيرنى…

**********************

- اللقطة التاسعه
يطول صمت الجماهير و احتقانها بانتظار اللحظة التى تعلق فيها القيادة على ما يجرى..يزيد الصمت و تزداد معه التوقعات..حتى يأتى الخطاب فى النهاية مخيباً للآمال يصب فى واد آخر غير ما تنادى به كل الناس و لا يزيدها الا حماساً و غيظاً....و يكون الرد النهائى الحكيم هو اجراء استفتاء كسابقه يشطر البلد الى نصفين و يشترى مزيداً من الوقت..

***************

كثير من المواطنين قد اصابتهم بوادر امراض الضغط و السكر و المرارة جراء خطابات الرئيس المحبطة فى تلك الفترة..و مازالت عبارات دون سواها مثل " وانه ليحز فى نفسى" و " لم اكن انتوى الترشح" هى الحائزة على نصيب الاسد كمسببات…

*******************

- اللقطة العاشره

" الشعب يريد اسقاط المشير !! "

********************

" الشعب يريد اسقاط الرئيس !! "

***********************

 

الى هنا ينفذ رصيدى من اللقطات فالفيلم مايزال يدور و يحاكى الفيلم السابق بحذافيره فلا استطيع ان اضع لك التتمه المناسبه..هل البدايات المتشابهه تؤدى الى نهايات متشابهه؟؟؟ آمل هذا بشده و لا ارجو سواه..تبدو اللقطة الوحيدة المنطقية هى مشهد لـ (عنان) يتلو فيه خطاباً للتنحى بينما هناك رجل عابس يقف خلفه و يحرص ان تظهره الكاميرات فى محاكاه للفصل الاخير فى حياة نظام سابق له ذيول اداه (عمر سليمان) باتقان….

نعم هى ثورة جديدة..فالثورة الاولى لم تتحقق مساعيها و هناك من لايهدأ ليل نهار محاولا اجهاضها و تحويلها الى مجرد فرقعه..فلول مستترين فى كل مكان مختفين خلف وجوه و اقنعه متلونة , يتحينون اللحظة المناسبة ليظهروا الى السطح بهيئات جديدة تخفى ذات الباطن الدنس و كأن شيئاً لم يكن..و على رأسهم يقبع المجلس العسكرى و قاداته ممثلين اضخم الذيول التى تركها (مبارك) خلفه و التى يجب ان تقطع و تلاقى ذات جزاءه…

ما الذى تخبرنا به الحياة؟؟
الشر مهما كان قوياً او قادراً على الورق فأنه يضعف و تزول دولته مهما طالت لأن هذه سنه الحياة.. هذا ما علمنا التاريخ اياه بالطريق الصعب..فقط يتطلب الامر واحداً يقف ليقول كلمة الحق فى وجهه..واحد لا يعبأ بسلطته و سطوته الظاهرين لأنه يعرف ان الحق معه و ان الله اقوى و اقدر....
و اليوم من يقف فى التحرير ليس واحداً..بل الوف و ملايين..لكنهم فى قلبهم واحد..تجمعهم ذات الكلمة و ذات الهدف...و ذات العزم و الاصرار على تنفيذه مهما كان البذل و التضحيات..و سيكون النجاح حليفهم حتماً ان شاء الله..فلا ارى الامور فى اى سياق آخر..

الدلائل كلها تشير ان هذا العرض الشائق سينتهى بالشرير خلف القضبان فقط كالعرض سابقه..مهما طاول..مهما نازع..ففى النهاية  لن تقهر ارادته 80 مليون من البشر اجتمعوا ان يعزلوه....

كنت آمل بشده لو اكون متواجداً فى الميدان الآن بدلا من اسطر هذه الكلمات..لو لم تعجزنى ظروف انا فى حل من ذكرها  و تجبرنى على وضعى الحالى..

اتمنى لو كنت طبيباً حقيقياً يجيد فنون الطب فاكون ذا عون فى الميدان اخيط موضع الجروح و انظف موضع الطلقات.. كم وددت لو اصير صانع اسلحة حذق يوفر الدعم و الذخيرة للمتظاهرين..لو اصير ترزياً يصنع ستراً تقى الابرياء من الرصاص و الخرطوش (مع اضافات خاصة للاعين)..لكن للاسف لم تسعفنى الامكانات ان اصير واحداً من هؤلاء و لم تيسر لى الظروف حتى ان اكون متواجداً فى الميدان للهتاف و التأييد..فلا املك الا الدعاء..

و هذا رجائى الاخير لكن من اقعدته  الظروف عن النزول..التواجد فى التحرير ليس واجباً جبرياً..لكن واجبنا تجاه من نزل هو التأيد و الدعم..ان لا يشعر انه يضحى بحياته و يخاطر بنفسه بينما ماتزال مصداقيته ضعيفة و نزاهته و اخلاصه موضع شك..اعتقد ان هذا اقل شىء ممكن ان يقدم الى هؤلاء الابطال..و اعتقد ان الامور الآن اوضح من ذى سابق و لم تعد بنفس الرمادية و لم يعد احد يسهل خداعه و اخباره ان ما يحدث ليس لصالحه..

اعتقد انه قد آن الاوان لهذه البلد ان ترى النور لأول مرة فى تاريخها..نور الحرية و الديموقراطية بقيادة اول رئيس دوله منتخب يداول السلطة لمن يليه دون وراثة..نور تعدد الاحزاب و تعدد الاراء و الافكار و تبادلها و مناقشتها دون خوف او وجل..نور يغرق كل الاركان المظلمة فى اقبية السجون و المعتقلات و التى ظل دخوله عليها محظورا طيله اعوام طويله..نور حياة كريمة تعلو فيها الاجور و يستقر فيها المعاش و تتوافر فيها الاعمال و لا تهدر فيها الطاقات..
نور نابع من العين المعتمة التى فقدت ضوئها لـ (أحمد حرارة) هو و كل من ضحوا بأرواحهم و سلامتهم من اجل غيرهم..

هؤلاء لن تفيهم الكلمات حقهم..سطرهم فى التاريخ بأحرف نورانيه ليس هو اقصى تقدير ينتظرونه..هؤلاء ما يستحقونه فعلا يكمن فى حياة أخرى اعد الله لهم فى جنته فيها مكانه عاليه لا يضاهيهم فيها الا الانبياء و الرسل…

 

" اللهم انى استودعك وطنى وانت الذى لا تضيع ودائعه , فاحفظه يا ربى ولا تضيعه..اللهم إنا علمنا أنه مع العسر يسراً و مع الشدة فرج و أنك مبدل الأحوال من حال إلى حال..ربى إنك ترانا و تعلم بحالنا فأبدل عسرنا يسراً و أبدل شدتنا بالفرج القريب …...آمين…."