الخميس، 3 مارس 2011

عن الحشيش و الحشاشين و الاوراق السبع لنبات القنب (4)


7-شخصية شفافة حزينة..روح حساسة قلقة..هو الاقرب الي نفسي و قلبي في هذا الجمع الكبير من الاوراق و الشخصيات المتباينة..اري فيه انعكاس دائم لنفسي..لكنه يتميز عني بالجرأة و الجنون..لم ااخذ وقتا طويلا لينشأ بيننا صداقة وطيدة..اقرب في نواح كثيرة الي الاخوة..يشعر بقلق دائم..بخوف لا ينتهي..من الغد و من الماضي و من الحاضر..
قلقه و اضطرابه النفسي اورثه اعتلالا مماثلا في جسده..تشعر دائما انه مريض او موشك دائما علي المرض..وضعه الاسري غير مستقر..اباه رجل غير مسؤل لم يفكر في ابناءه لحظه..حياته العاطفية غير مستقره..حبه غير مستقر..فراقه غير مستقر..مشاعره فياضه..في الكره ,في الحب ,في الحرب,في السلم...يشعر بالذنب دائما..يشعر برغبه ملحة بان يتقرّب الي الله,لكنه يشعر انه بعيد دائما..لديه فكره ثابته ان التدين و التصوف وجهان لذات العملة..يرغب يوما ان يتجرد من شهواته الدنيوية ليصير عبدا متفانيا...
دفعه جنونه و اندفاعه الي تجريب الصنف..استشعر فيه ملاذا و حصنا من الحرب الضروس في نفسه..من خضم وساوسه و اوهامه التي لا تنتهي..لن انسي المرة الاولي له ما حييت..الدخان الثقيل يخرج من ذلك التجويف الواسع بين قواطعه الامامية..بدأ  في الغناء بصوته الحلقي الغليظ الذي هو اسوأ ما فيه..شرع بالضحك الطويل غير المبرر..شرع بالبكاء غير المسبب..نازعته رغبات دفينة بين الضحك و البكاء و قد طفت مشاعره المدفونه كلها الي السطح في لحظة واحدة كادت تصيبه بالجنون..اصابته نوبه من الفزع اخذ فيها يجاهد من اجل نفس..يعب الهواء عبا..يستغفر الله في حرقة..يشعر انه دان جدا من النهاية..انه سيلقي الله بهذا الذنب الكبير..ما يزال تذكر تلك اللحظة يورثنا جميعا شعور بالغصة في حلوقنا..الشعور اني كدت افقد صديقا غاليا..و شعورهم بأن ما يفعلوه تخطي مرحلة اللهو غير المؤذي ليصل الي شطآن الواقع الصخرية الصادمة..منذ تلك الحادثة..قل ما يتعاطاه تدريجا و صار لا يدخن ابدا في غياب مراقب..احسبه انقطع تماما او كاد عن مجلسنا الآثم و لست نادما علي ذلك رغم حبي و اشتياقي الدائم لرؤياه..اعتقد انه وجد الترياق الشافي من ادمان اللهو في الحب..و قد وجد فيه شيء يستحق الكفاح لأجله..صخرة يتشبث بها..يعبر عليها من عالمنا الانهزامي الي ارض الواقع حيث مع محبوبته يصير اقوي و اقدر علي مواجهه حياته دون هروب..


هذه من ابرز قصصهم..هؤلاء هم كما هم فعلا او كما تصورتهم..بعيوبهم بمزاياهم..هم بشر قبل كل شيء..كل منهم لديه ما يهرب منه و قد ظن في الحشيش القدرة علي السفر عبر الازمان..يحسبون انهم سيعودون آخرين في ازمنة اخري..تكون فيها مشاكلهم قد حلت و صاروا فيها اناس افضل..
كل واحد منهم يمثل ورقة من وريقات القنب..لها الف استخدام و لها الف مكنون لكن العالم لا يطلب منها الا الشر و الانسطال..صنع الصينيون منها الورق و الالياف و العلاج و مازال العالم يصر علي اساءة استخدامها..العيب ليس في النبتة قدر ما هو علي من يراها..من ينظر فيها فلا يجد الا الاسوأ..

هؤلاء كانوا هم..فماذا عني انا؟؟
انا المراقب الذي لا يشارك..المستفيق الوحيد في مجلس من المساطيل..اكره ما يفعلون لكني دائما معهم..اشاركهم لهوهم و غناهم بينما عقلي بكامل نشاطه..اشعر احيانا اني ربما اسوأهم..دماغي غير مرتبط بهذا الواقع..هم يبحثون عن الوسيلة تنقلهم الي عالم الوهم بينما انا دائما هناك..لست افضل منهم في شيء..انا انهزامي و منعزل عن الواقع بقدر كل واحد منهم دون نقصان...
فقط اذكر اني لم اتناول لفافة تبغ عادي و لا محشو في حياتي كلها..وجودي معهم الغريب في عالمهم النائي اثار دهشتهم طويلا حتي ألفوه ككل نافر بينهم...فقط اذكر احدهم قال لي ذات مرة:
-"انت انسان صموت..كئيب..اميل للعزلة..ترغب في اشياء كثيرة منها ان تصير مثلنا و لكنك تأبي التجريب..حياتك كلها كانت انتظارا علي الخط الفاصل بين الخطأ و الصواب..لست قادرا علي اقتراف الخطأ, وليست لديك سريرة الابرار لتعبر للجانب المضيء..شخص لم يخطيء هو شخص غير حي..ليس الميتون عادة هم الراقدون فقط تحت التراب..انهم ايضا من هم مثلك يتنفسون بيننا و لا نشعر بهم..حقا كنت انت احوجنا الي الحشيش..نفسك الحبيسة اسوار جسدك تتوق التحرر..ساعتها ستعبر عن ضيقك..عن احباطاتك..عن فشلك و نجاحك..عن الحب الذي لم تجربه..عن الحياة التي لم تعشها بل عاشت من خلالك..."..

ووجدت في يده الممدودة تلك اللفافة غير بريئة المنظر غير منتظمة الابعاد..بدت في تلك اللحظة الطويلة/القصيرة مغرية بشكل لا يصدق..كفتاة بكر لعوب تدعوك الي ليلة من المتعة..لا اعلم ساعتها هل رفضت؟؟هل قبلت؟؟لا اعلم..اظنني رفضت..بالتأكيد رفضت..ادعو الله ان اكون قد رفضت..لن اعرف ابدا....
لكني اعرف بصدد الايام القادمة..اعلم ان مقاومتي ستلين يوما..سدودها الحصينة لن تتحمل اعباء الحياة اكتر..يومها قد اسحب نفسا او نفسين لأصير رسميا واحدا منهم..ما لم اكن كذلك بالفعل منذ زمن سحيق....
بســـــّــــــــــــام