الثلاثاء، 1 مارس 2011

عن الحشيش و الحشاشين و الاوراق السبع لنبات القنب (3)

4-عجوز مسنة..انقطعت صلتها بعالم الانوثة  من قديم اللهم الا في دهان موضعي للاستروجين..يحافظ لها علي كرامتها و مظهرها في سنها اليائس المتقدمة..في معركة لا تنتهي مع الزمن..حرب ضروس يكر فيها و يفر..و في كل معركة يترك اثاره في وجها الذي كان يوم ما يانعا بضا..
 
اخاديد و شقوق تراكمت علي جوانب فمها و في مناطق متفرقة من معالم وجهها تعلن انه لا احد ينتصر علي الزمن و انه لا يمكن خداعه ابدا..لا يمكن الالتفاف عليه و من حوله بهذا الكم الهائل من المساحيق المجملة..تذكر يوما ما كانت مثل (غادة)..يتكلم فينصت لها الرجال..تأمر فينصاعون..تضحك فيطربون..تشير فيبذلون لها الغالي و النفيس..كانت شابة جميلة جدا يوما ما..لكنها اضاعت عمرها توهم نفسها انها كائن متفرد بذاته..لا تحتاج الي رجل حتي تكتمل..ظلت تشعر طيلة الوقت بجمالها الاخاذ و ذكائها الحاد..تشعر انه ما من رجل جيد كفاية ليستحق كل ذلك الجمال..و النتيجة ان نمت التفاحة الخضراء الي وصلت لأوج نضجها و تمنعت عن الآكلين..اضناها الانتظار حتي ذبلت و تعطنت و صار يأباها الجميع و ما تزال متمسكة بغصنها لم يدنها قاطف..حتي باتت تأبي الانصياع لسلطان الزمان..تأبي ان تسلم تاجها لمن يصغرنها سنا..اصبح لديها هوس شديد بصغار السن من الرجال..تستغل وظيفتها الادارية في الايقاع بصغار الموظفين من مرؤوسيها ,كي تشعر انها مازالت انثي و مرغوبة..واحد منهم علمها الطريق الي بوابه الاسرار..كي تعبرها عليها ان تسحب عدة انفاس..جربت و من يومها لم تتوقف..اليوم هي في سن المعاش..بلا مزيد من الرجال اليانعين تمتص شبابهم مقابل الطموح..وجدت نفسها في سنها المتقدم بلا ولد بلا زوج بلا اهل..ليس لها ونيس الا الحشيش..لقد انتصر الزمن عليها بضربة موجعة و تركها وحيدة..ضيفة دائمة في مجلسنا رغم  سنها الاقرب للجدود..مازلت تلمح في عينيها خلف السحب الداكنة نظرة تحسر و ندم..علي ما اسلفت في حياتها..كم تود لو سارت الامور بشكل مختلف..وحده الصنف يعطيها هذا الامل..في كل نفس تسحبه..في كل مرة تغيب عن الواقع الي ارض الحلم..تشعر بشبابها يعود اليها مجددا..تشعر انها مرغوبة من جديد..صار الصنف لها اكثر من مجرد مزاج عابر..صار حياة..حتي لو كانت محض اكاذيب..
5-كانت راقصة..و كان لها نفس المنطق المغلوط المميز لشخصية مصطفي شعبان في مسلسل العار..تعمل كي تستر نفسها و تقيها شر الغوايه فهي بذلك افضل كثيرات ممن اخترن الطريق السهل و احترفن البغاء..يمكنك لو قضيت معها وقتا اطول ان تقنعك ان العمل في حد ذاته عبادة و ان عملها حرفة شريفة اخري لا يفرق عن غيره من الاشغال..لا تجالس الزبائن مطلقا الا في وجود محرم هو أخيها القواد..لا تؤدي لهم رقصات خاصة الا بعد تبين انهم زبائن "محترمة" عيونهم ليست "زائغة"..لا يلهيها عملها عن اقامة الفروض..لم تنسي حق الله ابدا في مالها الحرام من الصدقات و الزكاة و موائد الرحمن..لا تعاقر الخمر مطلقا التي هي ام الكبائر و تكتفي بتعلية دماغ بسيطة مع الحشيش الملفوف لتنسيها هم الحياة..بمجرد ان تنهي وصلتها حتي تسارع بارتداء حجابها و تنطلق الي بيتها دون زيغ..و تتحول الراقصة الشهيرة الي الطالبة الجامعية ابنة الاسر..تطمح دائما في الزوج الذي ينتشلها من وعثاء العمل..تحلم بالامومة و حج البيت الحرام...تحلم يوما ان تتوقف عجلة حياتها اللاهثة المكروهه و ليست الحرام كما يردد الحاقدين...
ليست المشكلة في كذبها و زيف منطقها..لكن المشكلة انها هي ذاتها تصدق ما تقوله..لديها قدرة هائلة علي الاقناع..بعد حديث مطول معها تجد نفسك غائصا حتي النخاع في منطقها حتي تبدأ بالتصديق...
ربما هي شريفة فعلا..ربما انا وغد حقيقي يتسرع في اطلاق الاحكام..كل انسان معرض للخطأ و من منّا معصوم..ربما انت أسوأ منها بأحكامك تلك السابقة لأوانها..
و هكذا تري ان كلامها الممنطق قد اقنعك و انساك انها مجرد مومس تمارس بغاءا مقنعا بادارة اخيها الديوث..و انها تحاول اسباغ شيء من الاحترام علي ما تعمله لا اكثر...


6-كان ضابطا فاسدا..من النادر حقا ان يجتمع الشر بصورته النقية في انسان,لكنك تجالسه قصيرا فتشعر بأن ذلك قد حدث فعلا..لكل انسان منا شيطان يسول له المعصية الا هو..معه يضيع الشيطان وقته..لن يعلمه حيلة جديدة هو لا يعرفها بالفعل..لن يغرية بنوع اخر من الذنوب الارضية هو لم يرتكبها سلفا..
عمله يتيح له مجالا لا ينتهي من الفواحش..يرتكبها جميعا دون وجل او وازع من ضمير..عرفته مطولا  لدرجة تسمح لي ان ان اقول انه لم يسمع بما يسمي بال"ضمير" اصلا..اكاد اجزم انه ينام مليء جفونه نوما هانئا لا انامه انا في حياتي كلها..
يسكر و يزني مع من يتحرش بهم من بنات الليل نظير الا يضايقهم ثانية..يتلقي الرشاوي في صورة اتاوات ثابتة من اصحاب حرف متفرقة..لا اعتقد انه توجد جريرة لم يرتكبها بحرية و انفلات اللهم الا القتل..و كم يود لو كان هذا متاحا..ربما حينها لصارت الحياة جنة...احيانا اشعر ان تدخينه للحشيش هو ابسط و اتفه ما يفعله...ربما يجازي عليه خيرا لأنه يذهب عقله الشيطاني الي سبات مؤقت يتوقف فيها عن الاذي..يحصل عليه بانتظام من الاحراز و المضبوطات او بالقوة من الموزعين وقاية لهم من شره...
لم يؤثر طراز حياته العبثي علي صحته..مازال قوي البنية..جهوري الصوت..مفرط الصحة..تسمع ضحكته الرنانة من علي بعد..لا يؤمن من القول الا بأفحشة و من النكات الا اكثرها بذاءة..
فقط حين يغيب عقله جزئيا..تبدأ ان تلمح بقايا انسان داخل هذا الغول..بضعة نقاط مضيئة تبغي من يتحمل العطن في نفسه و يفتش عنها..تسمع منه عن زوجته التي تركته و لم تتحمل حياته..عن ابنه الصغير الذي مات في طفولته..تشعر في ان كل ما يفعله نوع مبالغا فيه من جلد الذات..يبحث عن المعاصي بالمجهر ليحرق بها فتيل ما بقي له من العمر من الجانبين..يشعر انه لا يستحق الرحمة لا في الدنيا و لا الآخرة..يود لو احترق في جهنم كما يحترق بنيران نفسه في الدنيا..يشعر انه ساعتها فقط ربما لو تطهر من ذنبه الي الابد...
كان في طبقاته الداخليه مثيرا للشفقة مثل الاخرين تماما و يمكن اكثر..لكن لا انصحك بالاقتراب منه و البحث عن الانسان في دواخله..هناك شائعات ساريه انه قد مات و تعفن منذ زمن طويل...


( يتبع ) ..